top of page

الحلقة الأولي

ماهية القانون والقاعدة القانونية

تعد القاعدة القانونية بمثابة الخلية الأساسية التى يتالف منها القانون، ومن أجل ذلك قمنا بعرض أولى حلقات سلسلة العلوم القانونية ملحقة ببحث و خرائط تشرح المحتوي والتى يستهدف محتواها عرض مُبسط عن ماهية القانون بصفة عامة طبقاً لوجهة نظر الفقه الذى تبناه المشرع المصرى. في الحلقة الاولي نوضح المكون الرئيسي للقانون وما يميز القواعد القانونية عن غيرها من القواعد الاخرى. ذلك في سياق نظرية القانون والتى تعد قسماً من الأقسام المكونة للعلوم القانونية. ويستطيع المتابع أن يكون قادراً على المعرفة والإلمام بما تقدم من خلال تقسيم المحتوى كالأتى: 1- تعريف القانون. 2- تعريف القواعد القانونية وأهم الصفات الرئيسية التى تميزها عن غيرها من القواعد. 3- الجزاءات والتي هي نتيجة لمخالفة القاعدة القانونية وذلك لإضفاء صفة الإلزام على القواعد القانونية.


يجب الأخذ فى الإعتبار أن دراسة نظرية القانون ضرورية لكل القانونين لانها تؤسس لفهمهم ولمنهجية بحثهم في القانون, بمعني اخر طريقة ايجاد القواعد القانونية بطريقة تتماشي مع فهم المشرع والقاضي و طرح حلول يقبلها الواقع القانون. نظرية القانون تعطي فهم أعمق لطبيعة القانون، والمنطق القانوني، والنظم القانونية، والمؤسسات القانونية
 

شاهد الحلقة كاملة

تعريف القانون

- فى اللغة: القاعدة المطردة وفق لنظام ثابت على نمط ثابت.

- فى الاصطلاح: مجموعة من القواعد الملزمة التي تنظم السلوك الاجتماعي.

القانون له معنيان:

معني ضيق: هي القواعد التي تسنها السلطة التشريعية دون باقي المصادر ويطلق عليه «التشريع»، ويسمى «القانون الوضعي» لأنها قواعد قانونية وضعت لتنظيم السلوك الإجتماعي في بلد معين ووقت محدد، مثل: القانون المصري.

معنى واسع: مجموعة القواعد القانونية المنظمة للعلاقات الاجتماعية أيا كان مصدر هذه القواعد "تشريع - عرف - أحكام فقه إسلامي".
المكون الأساسي للقانون:

 هو: القاعدة القانونية.

صفات القاعدة القانونية

يقصد بها كل قاعدة ملزمة تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع.

صفاتها: 

 

أولاً: صفة التجريد والعموم:

ويظهر ذلك جلياً من خلال الفرض والحكم في القاعدة القانونية، فإن كل قاعدة قانونية تقرر حكم معين إذا تحقق الفرض الذي تحققه.

مثال: القاعدة التي تقرر أن الشخص يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية ببلوغه سن أحدى وعشرون عاماً.

(1) الفرض: بلوغ سن 21 سنة ميلادية.                            (2) الحكم: إكتمال الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية

 

القاعدة القانونية مجردة في فرضها:

الفرض في القاعدة القانونية يجب أن يحدد تحديداً مجرداً وليس مخصصاً، وإذا جابهت شخصاً أو أشخاصاً فيجب أن يعينوا بأوصافهم المجردة وليس بذواتهم، وإذا جابهت واقعة تواجهها بشروطها وأوصافها وليس بذاتها.

 

صفة التجريد والعموم التى تميز القاعدة القانونية عن كل من (الحكم القضائي، القرار الفردي) لماذا؟ 

لأن الحكم القضائي أو القرار الفردي يخص كل منهما شخص معين بذاته أو واقعة محددة بذاتها. 

مثال:      القرار الفردي: القرار الصادر بتعيين شخص معين بذاته في احدى الوظائف أو بترقيته.

            الحكم القضائي: الحكم الصادر بتوقيع عقوبة على شخص معين لارتكابه جريمة.

أما القاعدة القانونية تتميز بأنها لا تنتهي بمجرد تطبيقها على حالة معينة.

ملحوظة: ويمكن أن تخص القاعدة القانونية طبقة معينة أو فئة دون أن تفقد تجريدها.

مثال: القواعد التي تحدد اختصاصات رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب. 

القاعدة القانونية عامة في حكمها:

طالما أن القاعدة القانونية مجردة في فرضها فبالتالي تكون عامة في حكمها أي تطبيق الحكم أو الأثر الذي تقرره متى توافر الفرض ولا يستثني من نطاقها أحد. ولكن عموم القاعدة لا يعني أطلاق تطبيقها من حيث (الزمان، المكان، الأشخاص).  

ويترتب على اتصاف القاعدة القانونية بالتجريد والعموم كفالة المساواة والعدل بين الأفراد وتحقيق النظام والاستقرار في المجتمع.

 

ثانياً: صفة الإلزام في القاعدة القانونية:

​معنى الإلزام:-

تهدف القاعدة القانونية إلى إقامة النظام في المجتمع بوضع قيود تظهر في صورة أوامر ونواهي وتكون ملزمة وواجبة الإتباع، لان القاعدة القانونية (تأمر وتنهي لا تنصح وترشد).

وسيلة الإلزام:-

يتحقق إلزام القاعدة القانونية إما عن طريق: 

                                              (أ) الإجبار والإكراه (التنفيذ الجبري).                (ب) التهديد بتوقيع جزاء معين.

الجزاء في القاعدة القانونية:-

هو وسيلة لضمان احترام القاعدة القانونية لما يتضمنه من الإجبار ويمكن أن يسمى ذلك (بوظيفة الجزاء).

وهو الأثر الذي يرتبه القانون على مخالفة قواعده وأحكامه، كما يعد وسيلة لضمان احترام القاعدة القانونية لما يتضمنه من الإجبار ويمكن أن يسمى ذلك (بوظيفة الجزاء).

خصائص الجزاء:-

أ) الجزاء القانوني جزاء مادي:-

أي جزاء خارجي ملموس يلحق المخالف في جسده أو ماله ويستشعره مادياً وليس أدبي أو أخلاقي كما هو الحال عند مخالفة قواعد الأدب والأخلاق . 

ب) الجزاء القانوني جزاء حال:

يلحق المخالف فور التحقيق من ثبوت المخالفة ويختلف عن الجزاء الديني الأخروي الذي يطبق في الآخرة.

ج) الجزاء القانوني جزاء منظم توقعه السلطة العامة:

وهي جزاء مجرد وليست السلطة مطلقة العنان بل مقيده بالجزاءات التي يفرضها القانون ويحددها مقدماً.

 

  • الجزاء الجنائي:

يقرره قانون العقوبات على من يرتكب جريمة جنائية وهو يهدف إلى حماية المجتمع، وأشد أنواع الجزاءات هى الإعدام، والنيابة العامة هي التي تطالب بتطبيقه وليس الأفراد.

(أ) جزاءات بدنية: توقع على جسم المجرم كالإعدام أو تقييد الحرية بالسجن.

(ب) جزاءات مالية: تسمى الغرامات وتؤول حصيلتها إلى خزينة الدولة.

(جـ) عقوبات تبعية وتكميلية: وهي تطبق تبعا لبعض الجزاءات الجنائية، كالحرمان من الحقوق السياسية، المصادرة.

  • الجزاء المدني: 

يترتب أثر مخالفة قاعدة من قواعد القانون الخاص، مثل (بطلان التصرفات القانونية - الغرامة التهديديه).

وقد يجتمع الجزاء المدني مع الجزاء الجنائي عندما ما يترتب على نفس الفعل المساس بالمصالح العامة والمصالح الخاصة، كما في حالة القتل والإصابة (عقوبة جنائية، تعويض عن الأضرار). 

  • الجزاء الإداري: 

يوقع عند مخالفة قواعد، وأحكام القانون الإداري، مثل: بطلان العقد الإداري.

ويتفرع من الجزاء الإداري الجزاء التأديبي الذي يوقع على موظفي الدولة في حالة الإخلال بواجبات الوظيفة العامة.

  • الجزاء الدولي: 

هو الذي يهدف إلى احترام قواعد القانون الدولي ويوجه إلى الدولة وينقسم إلي:

جزاءات عنيفة مثل: الحصار، والتدخل الحربي، وجزاءات سلمية مثل: قطع العلاقات الدبلوماسية، وقطع العلاقات الاقتصادية.

 

ثالثاً: الصفة الاجتماعية للقاعدة القانونية:

تتصف القاعدة القانونية بأنها قاعدة اجتماعية تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع، كما توجد بجانبها بعض القواعد الاجتماعية الأخرى التي تقوم بدورها بتنظيم المجتمع كالقاعدة الدينية والقاعدة الأخلاقية.

وبذلك تكون دراسة الصفة الاجتماعية للقاعدة القانونية كالاتي:

أ) القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية.

ب) القاعدة القانونية قاعدة سلوك خارجي. 

جـ) علاقة القاعدة القانونية بغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى.

 

أولا: القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية:-

تهدف القاعدة القانونية لإقامة النظام لأنشطة الأفراد في المجتمع مما يستتبع بالضرورة وجود المجتمع الذي تتبلور صورته على شكل الدولة، وحتى يؤتي القانون ثماره لابد من خضوع الجماعة بأكملها لقواعده.

                 أ) حكام ومحكومين.                  ب) رؤساء.   جـ) مواطنين وأجانب.

وتتطور القواعد القانونية من مجتمع لأخر، وفي المجتمع الواحد قد تتغير من زمن لأخر.

 

ثانيا: القاعدة القانونية قاعدة سلوك خارجي:-

أي أنها تهتم بالنشاط الخارجي للأفراد وليس ما يبطنون (النوايا)، ولا يعتد القانون بالنوايا إلا إذا اقترنت بالسلوك الخارجي، مثال تشديد العقوبة على القتل الذي يقترن بسبق الإصرار من القاتل. 

 

ثالثا: علاقة القاعدة القانونية بغيرها من القواعد الاجتماعية:-

القانون له صلات بالقواعد الاجتماعية الأخرى مثل علم الاجتماع وعلم النفس ولكن صلته تقوي ببعض القواعد الاجتماعية مثل قواعد الأخلاق، القواعد الدينية، قواعد المجاملات.


​أ) القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية:

يقصد بالقاعدة الأخلاقية المبادئ السامية التي تستقر في نفوس الأفراد في حقبة معينة من الزمن وتكون واجبة الإتباع لأنها تستمد قوتها واحترامها مما يهدد من يخالفها من ازدراء الآخرين، أما القاعدة القانونية فهي قاعدة ملزمة ولا جزاء مادي حال.

 

ب) القاعدة القانونية والقاعدة الدينية:

يقصد بالقواعد الدينية: الأوامر والنواهي التي تأتي بها الأديان السماوية ويلتزم بها الأفراد وإلا تعرضوا للعقاب الأخروي.

وتشمل 3 طوائف من الواجبات: 

أ) واجب الفرد نحو ربه.  ب) واجبه نحو نفسه.  جـ) واجبه تحو غيره من الأفراد.   (وهنا قد تشترك القواعد الدينية والقانونية معاً).

 

جـ) القاعدة القانونية والعادة الاجتماعية:

العادات الاجتماعية: هي التقاليد والسنن التي تواتر الأفراد في مجتمع معين وزمن محدد على إتباعها فى مناسبات وظروف معينة، مثل ( تقديم المواساة في الأحزان، المشاركة في الأفراح، تبادل الزيارات، تقديم الهدايا).   

وجزاء مخالفة العادة الإجتماعية جزاء أدبي وأخيراً ننوه لا يوجد ما يمنع من أن تكون القاعدة (قانونية، خلقية، دينيا) في أن واحد، مثل تحريم الاعتداء على الغير في نفسه أو غرضه أو ماله.

على سبيل المثال:  تقديم المواساة في الأحزان، المشاركة في الأفراح، تبادل الزيارات، تقديم الهدايا.   

وجزاء مخالفة العادة الاجتماعية جزاء أدبي وليس مثل القاعدة القانونية.

وأخيراً ننوه لا يوجد ما يمنع من أن تكون القاعدة (قانونية، خلقية، دينيا) في أن واحد.  

مثل: تحريم الاعتداء على الغير في نفسه أو غرضه أو ماله، عدم التعسف في استخدام الحق.

bottom of page